رغم فشل مرشحه ... المجلس الاعلى انتصر وخسر غادروه وخاذلوه

ملاحظة : (كتبت هذا المقال قبل الاعلان عن مرشح التحالف الوطني وما توقعته سيكون واقعاً بحسب مؤشرات وتسريبات على تخلي الاخوة الصدريين عن مرشح الائتلاف الوطني العراقي)



الاحداث المتسارعة التي يحفل بها المشهد العراقي أفرزت ثنائيات ومفارقات وتداعيات مثيرة للجدل وقد لا تكون نتائج التحالفات والمفاوضات غير مجدية ومرضية للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي لكنها في نهاية المطاف كانت تجربة طيبة للعراق عكست مصداقية واخلاقية المجلس الاعلى وقدرته على المنافسة الشريفة والالتزام المبدئي والاخلاقي والسياسي.

ان اداء التكليف الوطني للمجلس الاعلى وتقديم مرشحه الدكتور عادل عبد المهدي للدخول في المنافسة بحد ذاته يمثل خطوة بالاتجاه الصحيح ويعبر عن استعداد تام لدخول المنافسة وقبول بنتائجها مهما كانت وان تمخضت عن اداءات تخاذلية لاطراف كان المجلس الاعلى الاكثر حرصاً ودفاعاً عن اشراكها سواء في الائتلاف الوطني او الحكومة القادمة رغم دعوات دولة القانون وبايدن باستبعاد وابعاد هذه الاطراف من تشكيل الحكومة وزجها بالمعارضة الا ان الموقف المبدئي المخلص للمجلس الاعلى فوت فرصة تحقيق رغبة وارادة بادين وايحاءات دولة القانون.

اشعر ان ترشيح الدكتور عادل عبد المهدي عن التحالف الوطني بات مستبعداً بسبب خذلان والاعيب بعض اطراف الائتلاف الوطني الفاعلة التي لا تمتلك رأياً حازماً وحاسماً بل تتقلب بمواقفها وتابعة لمزاجات قادتها الذين يتأثرون انفسهم بضغط وارادة الاخرين لاسباب دعمية.

واستبعاد الدكتور عادل عبد المهدي لا يشكل اخفاقاً للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي بل نتيجة طبيعة ومقبولة بلحاظ ان دخول المنافسة لا يؤدي بالضرورة ترشيح عبد المهدي كمرشح وحيد والا ما معنى الايات للترشيح والتوافق والتراضي.

اقول بصراحة المجلس الاعلى لم يكن خاسراً في حال عدم فوز مرشحه داخل التحالف الوطني بل هو الرابح الاكبر لاعتقادنا ان الفوز والخسارة امران محتملان في مثل هذه المنافسة كما ان المجلس الاعلى خرج منتصراً من هذه المنافسة رغم عدم صعود مرشحه ومظاهر هذا الانتصار هو المصداقية والالتزام الاخلاقي والسياسي مع حلفائه داخل الائتلاف الوطني وعدم قبوله بالمساومات والصفقات والمؤامرات لاقصاء الصدريين كما حاول ائتلاف دولة القانون الايحاء بذلك وكما حاول بادين بقوة من تحقيق هذا الهدف وتشكيل حكومة بين دولة القانون والعراقية وقسم من الائتلاف الوطني عبر اقصاء الصدريين وهو ما رفضه المجلس الاعلى بقوة معتبراً التيار الصدري طرفاً فاعلاً داخل الاتئلاف وفي الحكومة القادمة وفي اي اتفاق او تحالف.

كما ان المجلس الاعلى غير نادم على وقوفه التأريخي لمنع سقوط حكومة المالكي ومحاولات حجب الثقة التي حاولت العراقية والتوافق والصدريين تكريسها الا ان الاتفاق الرباعي بين المجلس الاعلى وحزب الدعوة والحزبين الكرديين فوت فرصة حجب الثقة عن حكومة المالكي.

المجلس الاعلى ادى ما عليه ولم ينساق وراء المخططات والاعيب واساليب التآمر التي يتففن فيها حلفاؤنا واصدقاؤنا داخل الاتئلاف الوطني من جهة والتحالف الوطني من جهة ثانية.

بلا مكابرة او مثالية ان رئاسة الوزراء لم يكن حلماً ابدياً للمجلس الاعلى ولو تحقق هذا الحلم عبر اساليب التحايل والاعيب المكر السياسي والكذب والمناورات فهذا ليس فخراً او هدفاً للمجلس الاعلى الذي يؤمن بتأسيس دولة المؤسسات وفق سياقاتها واسسها الصحيحة.

وتنكر الحلفاء والاصدقاء السابقين واللاحقين لمواقف المجلس الاعلى ليس عاراً او منقصة عليه بل تعكس وفاء المجلس الاعلى وتمسكه بتعهداته والتزاماته واذا كانت الاعيب التخلي عن الالتزامات والمساومات السياسية للحصول على اكثر الامتيازات لمن تعهد بترشيح دكتور عادل عبد المهدي تعتبر جزءاً من اللعبة السياسية فاننا لم ولن نتفق مع هذه الاساليب وارثنا العقائدي ومورثاتنا الفكرية تنبذ ذلك فلنا اسوة بامير المؤمنين بقوله " وما معاوية بادهى مني لكنه يفجر ويغدر ولولا كراهيتي للغدر لاصبحت ادهى العرب" كما ان موقف مسلم بن عقيل من عبد الله بن زياد لما سنحت له فرصة اغتياله في بيت هاني بن عروة وتمهيد الاجواء داخل الكوفة للامام الحسين لكنه رفض ذلك بقوله "انا اهل بيت نكره الغدر" او " الاسلام قيد الفتك".

ولو كان ذلك فخراً لكان عمرو بن العاص هو الاكثر فخراً لما كشف سؤاته في رابعة النهار اتقاء علي بن ابي طالب ولكان الاكثر خسارة هو امير المؤمنين الذي قال اثناء انهواء سيف المرادي على رأسه وهو في محراب صلاته "فزت ورب الكعبة"

لو لم يحصل مرشح الائتلاف الوطني على قبول التحالف الوطني بسبب خذلان طراف مهم في الائتلاف الوطني فان الذي حصل عليه المجلس الاعلى هو ثقة الاخرين وانا على يقين ان كل الاطراف التي اسهمت في خذلان عبد المهدي سيندمون قبل وبعد تشكيل الحكومة وستثبت الايام اخطاء الذين تنكروا لمواقف المجلس الاعلى وتخلوا عن التزاماتهم ولن ينفع الندم وعض الانامل.

"أتستبدلون الذي هو ادنى بالذي هو خير"