التعميم الخاطىء واخطاء الاسلاميين

الاسلاميون على فرض صحة هذا المصطلح مفهوماً ومصداقاً هم بشر يخطأون وينحرفون ويستأثرون كبقية انماط المجتمع ولا يعصمهم انتماؤهم للاسلام الحركي بل يعرضهم اكثر من غيرهم للمزالق والمآزق ويجعلهم اكثر عرضة للاخطاء والخطايا.

رغم تحفظي على اطلاق لفظة (اسلاميين) على كل من زعم انتماءه للحركة الاسلامية لان تلك اللفظة تستدعي التزامات واستحقاقات ومتبنيات قد لا يقدر عليه الكثير من المحسوبين على الاسلاميين لكنني ووفق اعتقادي بان اطلاق هذا المفهوم قد ياتي تسامحاً وتجاوزاً ولا مشاحة في المصطلحات كما يعبر المناطقة فان الاسلاميين عندما كانوا خارج السلطة وفي دور الضحية كسبوا تعاطف الشارع الاسلامي وسرقوا اضواءه واصبحوا نموذجاً عالياً للخلق والاسوة والامانة والنزاهة والجميع يثق بهم حتى من غير الاسلاميين لاعتقاده بانهم لا يخونون ولا يطمعون بل حتى رجالات السلطة البائدة في العراق كانوا يستشعرون هذه الحقيقة ويعتبرون التدين السلوكي وحسن السمعة واحدة من مؤشرات الانتماء للحركة الاسلامية وفي امن الثورة كنت معتقلاً قبل ترحيلي الى الامن العامة اتي برجل تم الاعتراف عليه وفور وصوله غرفة التحقيق أبتسم ضابط الامن وقال من اتى بك وانت معروف بمعاقرة الخمر فطرده قبل اجراء اي تحقيق!

كان الناس يأتمنونا على اموالهم واعراضهم ويثقون بنا ثقة مطلقة وعمياء رغم ان ايواءنا او التستر علينا يعني الاعدام او السجن المؤبد بسبب طبائع الناس التي تميل الى اصحاب الدين وتنظر اليهم نظرة ملائكية.

هذا كله قبل السلطة عندما كنا في المنافي او السجون او مختفون في الشوارع الخلفية وقبل عملية التساقط التي تمت اخيراً لدى الكثير من المحسوبين على الاسلاميين.

لكن ما يثير الغرابة حقاً بان النظرة الملائكية للاسلاميين تحولت مع الاسف الى نظرة شيطانية والتصور المقدس استحال الى يقين مدنس لدى الناس وهو نظرة لا تخلو من التطرف او التعميم باعتبار ان الخطأ من الاسلامي يعمم على الجميع بينما اخطاء غيرنا من العلمانيين لا تنسب الا الى اصحابها وهنا المفارقة الخطيرة.

عندما يخطأ العلماني لا نقول اخطأت العلمانية وعندما يتهور قس لا نقول قد تهورت المسيحية بينما لو اخطأ اسلامي فنقول اخطأ الاسلاميون ثم نرتب اثراً عملياً على فشل الاسلام السياسي بسبب استئثار المحسوبين عليه بالغنمية واغراءات السلطة وهذا ظلم فادح وتعميم باطل ينبغي الانتباه اليه.

فالجيش النبوي اغرته غنائم احد فلم يتلزم باوامر الرسول الاكرم بعد ترك الجبل لحماية ظهور المسلمين وهناك الكثير من اصحاب الرسول وعلي بن ابي طالب قد اهتمهم انفسهم واغرتهم مغريات الهوى والشيطان فأزلهم عن صراط المستقيم.

ومن هنا فان التعميم الخاطىء ومحاولة اتهام الاسلاميين بسبب اخطاء منفردة قضية لا تعبر عن رؤية علمية وتوجه فكري يستمد رؤيته ومقدماته من البحث العلمي واسسه الصحيحة وهو ظلم اخر يلحق بالاسلاميين بعد ان ظلموا انفسهم باخطاء الممارسة ومكابرة الاعتراف بالاخطاء.

ولكن الكارثة الكبرى هي ان دخول الاسلاميين الى السلطة والحكم بعد عقود طويلة من المعارضة والتشريد والنفي وضعهم امام اختبار عسير ومخاض خطير نخشى ان تزل قدم بعد ثبوتها والفشل – لاسمح الله – يعني فشل المعادلة الجديدة التي لا يمكن تكرارها بسهولة ولذلك فان السجن والمنفى والمسجد لا يكشف عن نوازع ونوايا وجواهر الاسلاميين بينما السلطة ومغرياتها فهي اكبر امتحان لهؤلاء الذين عاشوا على الاسلام بينما غيرهم كالشهيد الصدر عاش للاسلام.